الصفحة الرئيسية
>
آيـــة
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ذلك وعد الله للذين آمنوا وعملوا الصالحات من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن يستخلفهم في الأرض، وأن يمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وأن يبدلهم من بعد خوفهم أمنا.. ذلك وعد الله. ووعد الله حق. ولن يخلف الله وعده. فما حقيقة ذلك الإيمان؟ وما حقيقة هذا الاستخلاف؟
إن حقيقة الإيمان التي يتحقق بها وعد الله حقيقة ضخمة تستغرق النشاط الإنساني كله. فما تكاد تستقر في القلب حتى تعلن عن نفسها في صورة عمل ونشاط موجه كله إلى الله.
فهو الإيمان الذي يستغرق الإنسان كله، بخواطر نفسه، وخلجات قلبه، وحركات جسمه، وسلوكه مع ربه في أهله ومع الناس جميعا. يتوجه بهذا كله إلى الله. يتمثل هذا في قول الله سبحانه في الآية نفسها تعليلا للاستخلاف والتمكين والأمن: {يعبدونني لا يشركون بي شيئا} والتوجه إلى غير الله بعمل أو شعور هو لون من ألوان الشرك بالله. ذلك الإيمان منهج حياة كامل، يتضمن كل ما أمر الله به، ويدخل فيما أمر الله به توفير الأسباب، وإعداد العدة، والأخذ بالوسائل، والتهيؤ لحمل الأمانة الكبرى في الأرض. أمانة الاستخلاف. فما حقيقة الاستخلاف في الأرض؟
إنها ليست مجرد الملك والقهر والغلبة والحكم، إنما هي هذا كله على شرط استخدامه في الإصلاح والبناء، وتحقيق المنهج الذي رسمه الله للبشرية كي تسير عليه. وهذا الاستخلاف هو الذي وعده الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات.. وعدهم الله أن يستخلفهم في الأرض - كما استخلف المؤمنين الصالحين قبلهم - ليحققوا المنهج الذي أراده الله؛ ويقرروا العدل الذي أمر به، وآية هذا الفهم لحقيقة الاستخلاف قوله تعالى بعده: {وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم} وتمكين الدين يتم بتمكينه في القلوب، كما يتم بتمكينه في تصريف الحياة وتدبيرها. فقد وعدهم الله إذن أن يستخلفهم في الأرض، وأن يجعل دينهم الذي ارتضى لهم هو الذي يهيمن على الأرض، {وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا} ولقد كانوا خائفين، لا يأمنون، ولا يضعون سلاحهم أبدا حتى بعد هجرة الرسول إلى قاعدة الإسلام الأولى بالمدينة.
{ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون} أي الخارجون على شرط الله، ووعد الله وعهد الله فيا قوم هذا هو طريق النصر والتمكين من أراده فليسلكها ومن بدا له غير ذلك فهو وما بدا له.
المزيد |